تراجعت صادرات المغرب من الفوسفاط بنسبة 34 بالمئة على أساس سنوي، في الخمسة أشهر الأولى من هذا العام، وفق تقرير للوزارة المكلفة بالميزانية، تسلمه البرلمان في 14 يوليوز الجاري.
وبينما لم تنشر بعد أرقام صادرات المغرب خلال الشهور الخمسة الأولى من العام الجاري، إلا أن التقرير أورد أرقام الربع الأول 2023.وأوضح التقرير أن رقم مبيعات المغرب من الفوسفات انخفض بنسبة 27.8 بالمئة، نتيجة تراجع الطلب وسعر بيع جميع المنتجات.
وفي 29 ماي الماضي، قالت مجموعة المكتب الشريف للفوسفات إن إجمالي إيراداتها بلغ 18.2 مليار درهم (1.8 مليار دولار) في الربع الأول، مقابل 25.3 مليار درهم (2.5 مليار دولار) في الفترة نفسها من 2022.
وقالت المجموعة: “إن الربح الخام قبل خصم الفوائد والضريبة والاستهلاك، بلغ حوالي 4.6 مليارات درهم (460 مليون دولار)، مقابل 11.6 مليار درهم (1.1 مليار دولار) المسجلة في الربع الأول من 2022”.
هذا التراجع، يطرح علامة استفهام، خاصة بعد تحقيق أرقام إيجابية في العام الماضي؛ في وقت يسارع المغرب الخطى لدعم استثمارات المكتب الشريف للفوسفات، لضمان استمرار الريادة في إنتاجه على المستوى العالمي.
وبلغ إنتاج المغرب من الفوسفات خلال 2022، نحو 40 مليون طن، ليصنف بذلك الثاني عالميا بعد الصين من حيث الإنتاج، التي أنتجت 85 مليون طن بالعام نفسه، حسب المصدر ذاته.
وبحسب المعطيات الرسمية، حققت مجموعة المكتب الشريف للفوسفات، أرباحاً صافية تقدر بـ 28.2 مليار درهم (2.8 مليار دولار) في 2022.
ووفق خبراء اقتصاد، فالرقم يعتبر قياسيا بالنظر إلى الارتفاع الكبير لأسعار الأسمدة في العالم، بعدما سجلت أرباح المكتب 16.3 مليار درهم (1.6 مليار دولار) في 2021، و3.2 مليار درهم (320 مليون دولار) في 2020.
ويرى محمد جدري، الخبير الاقتصادي المغربي في تصريح للأناضول، أن “قطاع الأسمدة أصبح يساهم في تحقيق ريادة للمملكة، على المستوى العالمي، خاصة في كل ما يتعلق بالأمن الغذائي”.
وأضاف: “عائدات الفوسفات تشكل دعما قويا للناتج الداخلي الخام، سواء تعلق الأمر بمداخيل العملة الصعبة، أو ما يرتبط بحجم التشغيل، والمساهمة في خفض معدلات البطالة”.
وزاد: “وفق المعطيات المتوفرة، يرتقب أن يحقق المغرب صادرات تتجاوز 4 ملايين طن من الأسمدة نحو قارة إفريقيا، لمساعدة حوالي 44 مليون مزارع في أكثر من 35 دولة إفريقية”.
وفي 4 ديسمبر الماضي، وقعت الحكومة المغربية والمجمع الشريف للفوسفات، مذكرة تفاهم حول البرنامج الاستثماري الأخضر الجديد للمجمع بين عامي 2023 و2027.
ويهدف البرنامج الجديد، وفق بيان للديوان الملكي، صدر آنذاك، إلى “ترسيخ المكانة العالمية للمجمّع باستثمار إجمالي يقدر بـ130 مليار درهم (13 مليار دولار) خلال الفترة من 2023 إلى 2027”.
كما يهدف إلى “مواكبة 600 مقاولة (شركة) صناعية مغربية، وخلق 25 ألف منصب شغل (فرصة عمل) مباشر وغير مباشر”، وفق المصدر نفسه.
إنتاج الأسمدة
وأوضح جدري، أنه “خلال الـ20 سنة الماضية، حدث تحول مهم، بعدما أصبح قطاع الفوسفات مساهم رئيس في تنمية اقتصاد البلاد”.
“المغرب اليوم قطع أشواطا مهمة للنهوض بقطاع الفوسفات، من خلال الانتقال من مرحلة تدبير الفوسفات كمادة خامة، إلى امتلاك صناعة حقيقة تتعلق بمشتقات الفوسفات أيضا”، أضاف جدري.
وزاد: “خلال 30 عاما المقبلة، سيصبح المغرب متحكما في الأمن الغذائي العالمي، عن طريق إنتاج مجموعة من الأسمدة”.
وتابع: “رهانان يشكلان تحديات أساسية للمغرب، وهما كل ما يتعلق بالطاقة والأمونيا الخضراء”.
والأمونيا الخضراء تنتج عن تفاعل النيتروجين مع الهيدروجين الأخضر، وتعمل على تقليل انبعاثات غازات الدفيئة المنبثقة من الأسمدة الضرورية في الزراعة،
ولفت إلى أن “مكتب الفوسفات المغربي، شرع في تنفيذ مخطط جديدة لصناعة الأمونيا الأخضر.. المملكة ستحقق الاكتفاء الذاتي من الطاقة عبر تحويل الطاقة الشمسية والرياح إلى طاقة كهربائية، وكذلك تحلية مياه البحر”.
وفي مقابلة مع برنامج “Creating Emerging Markets” التابع لكلية هارفارد الأمريكية للأعمال، قال مصطفى التراب، المدير العام للمجموعة المكتب الشريف للفوسفات، إن “تقريرا لمكتب أمريكي للاستشارة، أكد أن المشكلة لدى المكتب ليس مرتبطاً بسوء تدبير، بل بسبب غياب الاستراتيجية”.
وزاد التراب، في المقابلة التي نشرت في الأسبوع الأخير من مايو الماضي: “بناء على ذلك، تم إصلاح الأمر، واعتمدنا استراتيجية منطقية، تقوم على الانتقال إلى المنتج النهائي، وكان علينا أن نمر من سلسلة القيمة إلى مجال أعمال زبائننا، أي الأسمدة”.
وتابع: “مباشرة بعد اعتماد هذه الاستراتيجية، تم الاستثمار بكثافة في إنتاج الأسمدة وإخراج الشركة من وضعها بسرعة إلى حد ما”.
وأوضح أنه “في غضون سنوات، انتقلت القدرة الإنتاجية من الأسمدة من 2 مليون طن إلى 12 مليون طن، باستثمار حوالي 10 مليارات دولار خلال 10 سنوات”.
طموح مغربي
وأوضح جدري، أن الشركة المغربية الحكومية المتخصصة بإنتاج وتسويق الفوسفات، “تعيش تحولا كبيرا، حيث تدعم المقاولات الصاعدة في أمريكا مثلا، وأيضا أصبحت تشتري أسهما في شركات أجنبية”.
وأضاف: “الشركة حاضرة في المغرب وأيضا في إفريقيا، وكذلك في أوروبا عن طريق شراكة جديدة مع شركة الفوسفات الإسبانية”.
وفي 17 مايو الماضي، أعلن المغرب استحواذه على 50 بالمئة من رأس مال شركة الفوسفات الإسبانية “غلوبال فييد” GLOBALFEED.
وفي 7 يونيو الماضي، أعلن المغرب أنه يطمح إلى رفع حصته من السوق العالمية للفوسفات إلى 40 بالمئة.
جاء ذلك في تقرير لوزارة الانتقال الطاقي المغربية، تم تقديمه أمام أعضاء لجنة البنيات الأساسية بمجلس النواب، ووفق بيانات هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية للعام 2022، يقدر معدل الإنتاج العالمي السنوي للفوسفات بـ240 مليون طن.
ويمتلك المغرب أكبر مخزون من الفوسفات، بنسبة تقدر بـ 85 بالمئة من الاحتياطي العالمي.وتُعد المملكة ثاني أكبر منتج لمادة الفوسفات، بنحو 30 مليون طن سنويا، وأول مصدر لها على مستوى العالم.