إلى وزير العدل محمد بنعبد القادر: أَرِنَا مُلْهِمِيكَ الذين أوحوا إليك كتابة قانون 22.20 !!

Advertisement

السيد الوزير، حسنا فعلت وأنت تتبنى مشروع القرار اللقيط الذي إحتاج إلى هَبَّةٍ مغربية، وتوابع وزوابع فيسبوكية، وإلى طَرْقٍ قوي على أبواب الحكومة، قبل أن تظهر فينا وتعلن أبوتك الشرعية لما كان ابن سِفَاحٍ، أحييك على شجاعتك التي جاءت في نصف شوط المباراة، ربما بعدما تأكدت أن شركاءك في الحكومة لن يستمروا في التضامن معك بالصمت، وأنهم سيكشفون سر أبُوَّتِكَ هذا تحت سياط التعذيب النفسي الذي مارسه عليهم المغاربة في مواقع التواصل الإجتماعي، أحييك على هذه الشجاعة المتأخرة المسربلة بشيء من الوقاحة، بعدما أرفقت إعترافك بتساؤل مشين: فين كاين المشكل؟، في وقت كان جديرا بك أن تشفع الإعتراف بالإعتذار عن إقتراف جريمة التفكير العدواني في حق أبناء وطنك، وإضمار السوء لهم، وبيعهم بالجملة إلى المجهول الحقوقي الذي لا أدري كيف حافظت على توازنك، وكيف لم تُصَبْ بالإنهيار العصبي، وبصدمة الضمير، وأنت تخط بيمينك بنود قانونك الأسود.
المشكل سيدي الوزير فينا نحن المغاربة الذين لم نتلق هديتك المسمومة بقبول حسن، ولم نصفق لصفاقتك، ولم نحول صفحاتنا الفيسبوكية إلى ورود ورياحين إحتفاء بعبقريتك وخيالك الواسع، وبهذا الحب الذي يحمله قلبك وتنطق به عبارات مشروعك ببلاغة ظاهرة، فاعذرنا على سوء صنيعنا، ونحن نعدك أننا في المرة القادمة، حينما تتفتق عبقريتك عن قانون جديد، بعدما يكون كوفيد19 قد إندحر، وسمح لنا بالخروج، نعدك أننا سنشد الرحال جميعا إلى الرباط، وسنقيم الأفراح واصلين الليل بالنهار إحتفاء بفتانا المدلل الذي نفتقده في ليالينا المظلمة، وننتظر طلعته البهية على أحر من الجمر ليحولها إلى كوكب ذري.
السيد الوزير، ها نحن أجبناك عن مكمن المشكل، نرجو أن تجيبنا أنت بدورك عن أسئلتنا حتى نتقارب في وجهات النظر، ونزيل سوء الفهم المُجْرِمِ الذي دفعنا إلى الإساءة إليك : من أين إستلهمت هذا القانون العظيم الذي لم يسبقك إليه أحد من العالمين، أو بعبارة أخرى من ألهمك بنود هذا القانون؟ وكيف إهتديت إلى إليه ؟ وتحت أي تأثير أتاك الإلهام مطيعا منصاعا ؟، إلى أن تجيبنا، السيد الوزير، سنستمر في طرح أسئلة أخرى، لكن هذه المرة سنعفيك من الجواب، لأنها في حكمه.
هل أملى عليك هذا القانون تاريخ حزبك الذي عانى رجاله الأوائل من مثل عقليتك التي فكرت وقدرت وخططت بها مشروع قانونك، ودخلوا السجون والمعتقلات في سنوات رصاص سهر عليها ورعاها من كانوا يفكرون بالطريقة التي فكرت وكتبت بها مخرقتك ؟
ألم تستح من المهدي بنبركة، وعمر بن جلون، والفقيه البصري، وعبد الرحيم بوعبيد، وأحمد الزايدي، وعبد الرحمان اليوسفي، وأنت تغرس خنجر الغدر في تاريخهم ونضالهم، وتتقمص شخصية الجلاد الذي عانوا من سياطه، ووهبوا أنفسهم لتحييده وإبعاده، قبل أن تعلن حلوله في ذاتك، وتعلن نفسك المحارب الأول لهم ؟، ألا يبدو مفارقة صارخة وضعك بوصفك سفيرا لحزب تقدمي في الحكومة، وقد رميت كل ماضيه خلفك، وحملت مسدس التصفية لتفرغ رصاصاته على جثته، دون أن يردعك إحساس ذنب الإساءة إلى الأموات والأحياء من أبنائه وأبناء الشعب المغربي؟.
هل أملى عليك هذا القانون إنتماؤك الحقوقي أنت الذي كنت عضوا بارزا في المنظمة المغربية لحقوق الإنسان؟، ألم يَنْدَ جبينُك وأنت تخط بمداد الحقد مشروع مجزرة حقوقية لم يعرف تاريخ المغرب، حتى في سنوات جمره المشتعل، مثيلا لها ؟، ألم تشعر بألم التناقض مع خطاب حقوق الإنسان الذي كنت تنادي به، وأنت تؤسس وتَنَظٍّرُ لمرحلة سوداء عنوانها القمع والتسلط وإستبداد البورجوازية المتوحشة ؟، ألم يكبل يديك وأنت منكب على صياغة قانون الموت والكراهية إنتماؤك النقابي أنت الذي كنت قياديا بارزا في النقابة الوطنية للتعليم، وكنت تدبج بيانات الدعوة إلى الحفاظ على حقوق الشغيلة ومكتسباتها، والتحذير من المساس بها ؟، ألم يزرك طيفُ هذا الماضي النقابي أثناء إعتكافك على صياغة مشروعك ليقول لك كفى من هذا العبث، وتوقف عن هذه المهزلة ؟ ألم تنط شعاراتك النقابية أمامك لتحجزك عن المضي في غوايتك ؟.
هل أملى عليك هذا القانون تخصصك الفلسفي؟، ألم تتذكر وأنت تسود ورقتك بألفاظ السجن والإعتقال والغرامة والبضاعة والمؤسسات الائتمانية، ألم تتذكر مفهوم الإستلاب الذي كنت تدرسه لتلاميذك ؟، ألم تتذكر مفاهيم الحق والعدل والحرية والكرامة ؟، ألم تصفعك قيم المحبة والسلام والتسامح التي كانت تتراقص أمامك وأنت تفتح المقرر الدراسي في الفصل، لتقول لك تخلص من عنفك وكراهيتك، وعد إلى رشدك، وإياك أن تستمر في نسج خيوط القمع والتسلط، لأن الإنسان الذي تريد أن تكبله كائن حر؟.
في الجعبة الكثير من التساؤلات، لكنني سأتوقف هنا، لأترك لك فرصة للتأمل الذي يبدو أنك إنقطعت عنه تحت سقف الوزارة، مع متمنياتي الصادقة لك بأن تصحو من سُكْرِ المنصب، وأن تعي أنك إلى زوال، وأن الإخلاص للوطن ولأبنائه أسمى من كرسي وزاري، ومن مُرَتّبٍ، ومن تقاعد، مهما كثرت دراهمه، يبقى بلا أدنى قيمة أمام تاريخ منسوج بالعار.

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.