صحيفة إسرائيلية: على حساب الأوروبيين.. بايدن يستهدف إسقاط بوتين في الحرب الاقتصادية.

Advertisement

الشروق نيوز 24 / متابعة.

 

لا مؤشر متى وكيف ستنتهي قضية أوكرانيا. يعتقد افرايم هليفي، رئيس الموساد الأسبق، أن وقف النار بين الطرفين لن يتاح إلا إذا بادرت أمريكا إلى خطوة تؤدي إلى مخطط أمريكي روسي مشترك لحل طويل المدى للمسألة الأوكرانية، ولكنه احتمال ضعيف في هذه اللحظة.
مهما يكن من أمر، تلقينا في هذه الأثناء دليلاً آخر على صحة قول عضو الكونغرس آنف الذكر، إذ إن السياسيين المشاركين في موضوع أوكرانيا ممن وقفوا عشية نشوب الأزمة أمام اختبارات عسيرة من ناحية سياسية، وهم بوريس جونسون في بريطانيا، والرئيس ماكرون في فرنسا، وأساساً الرئيس الأمريكي بايدن، الذي تنبأت الاستطلاعات لـحزبه بانخفاض حاد في الانتخابات للكونغرس، وكذا نفتالي بينيت الذي -حسب استطلاعات داخلية- وقف حزبه “يمينا” على شفا نسبة الحسم، كلهم اكتشفوا فجأة بأن الدولاب انقلب؛ يحظى جونسون الآن بشعبية بفضل موقفه الحازم ضد بوتين. وماكرون الذي يتنافس على ولاية ثانية لرئاسة فرنسا نال ارتفاعاً بنحو 5 في المئة في الاستطلاعات بسبب محاولاته للتوسط، والرئيس بايدن شهد مجداً جماهيرياً، حتى من بعض من الجمهوريين، بفضل موقفه الحازم تجاه روسيا والعقوبات التي فرضها، وإلغاء استيراد النفط والغاز الطبيعي الروسيين. ولن يكون مبالغاً فيه القول إن بوتين أنقذ بايدن من هزيمة.
وماذا عن بينيت؟ لإسرائيل أسباب وجيهة للسعي لإنهاء الحرب في أوكرانيا. فإضافة إلى الجانب الإنساني، إذا ما انتهت الحرب، ستنزع إسرائيل عن نفسها المعضلة التي هي بين مصلحة سياسية – أمنية مهمة في علاقات العمل مع روسيا في سوريا وفي الشرق الأوسط كله، وبين الحاجة إلى عدم المس بمنظومة العلاقات الاستراتيجية والقيمية الحيوية مع أمريكا. هذا يبرر محاولة وساطة بينيت بين روسيا وأوكرانيا. لو كان نتنياهو رئيس الوزراء، بسبب مكانته الدولية والاعتبارية، لتحسنت فرص الوساطة، ولكن لا معنى للانشغال بمسائل افتراضية. بينيت هو رئيس الوزراء. فعندما اجتمع “الثلاثة العظام” في 1945 في بوتسدام، لم ير ستالين أمامه روزفيلت الذي توفي في هذه الأثناء، أو تشرتشل الذي خسر في الانتخابات، بل ترومان واتالي. هذا هو سبيل العالم.
الرابح الأساس من حرب أوكرانيا هي إيران، خصوصاً عقب ارتفاع أسعار النفط واحتمال إلغاء العقوبات المختلفة عليها. تفيد إيران من زوال صورتها التهديدية في نظر الجمهور الأمريكي حيال صعود العداء تجاه روسيا. فقد أملت إدارة بايدن في أن يؤدي تركيز الانتباه على روسيا إلى توقيع سريع على الاتفاق النووي القديم – الجديد مع إيران، لكن روسيا شوشت السيناريو المتفائل بطرح شروط خاصة بها على الولايات المتحدة. وسواء ينطلق هذا من محبة مردخاي أم من كراهية أمان أو لم يكن لا هذا ولا ذاك، فإن هذا التطور يعمل في صالح إسرائيل.

ومرة أخرى: “سر وراء المال”. هذا هو ما سيوجه خطى كل الأطراف أكثر من كل اعتبار آخر. وكما أشارت الاقتصادية الرائدة للمشاكل الجغرافية – الاقتصادية، جوليا فريدلندر، فإن العقوبات الخطيرة التي فرضتها إدارة بايدن هي عملياً إعلان حرب اقتصادية شاملة على روسيا بهدف إسقاط نظام بوتين، حتى لو كان هذا على حساب رفاه الشعب الروسي كله، وحتى لو دفع حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيون بعضاً من هذا الثمن (بالمناسبة، لو تطرفت أمريكا فقط في بعض من عقوباتها على إيران بذات القدر، لما صمدت). وتتساءل فريدلندر: “هل يمكن لسحق اقتصادي حاد أن يغير قرارات عسكرية في وقت قصير نسبياً؟ لا أحد يعرف”، لكن الجواب على هذا السؤال “سيقرر الدور الذي ستلعبه رافعات اقتصادية ومالية في موضوع الأمن القومي مستقبلاً”.
هذا طرف واحد من المعادلة. وروسيا عضو في G20، منتدى الاقتصادات المتصدرة في العالم، وإذا ما تدهور وضعها المالي، فلن تكون قادرة على السداد تجاه الخارج وعاجزة تجاه الداخل. ونتيجة لذلك، ستقع أزمات عالمية في توريد الحبوب والمعادن الحيوية، وأزمات مالية لدول يتداخل اقتصادها بالاقتصاد الروسي، بما في ذلك أوروبا. وسيؤدي ارتفاع أسعار الوقود إلى غلاء عناصر أخرى أيضاً.
تقف الولايات المتحدة وحلفاؤها إذن أمام ثلاثة سيناريوهات: الأول، الحرب الاقتصادية التي أعلنوها على روسيا ستؤدي إلى منع العدوان في أماكن أخرى، رغم الثمن الاقتصادي الذي ينطوي عليه ذلك، والرهان سيبرر نفسه. الثاني، رغم التأثير السلبي المؤقت على الاقتصاد في العالم، سيتحقق الهدف الفوري بالنسبة لأوكرانيا؛ والثالث، الاقتصاد الروسي سينهار وستتضرر اقتصادات دول أخرى، دون أن تتحقق تسوية مرضية في موضوع أوكرانيا. في هذه الحالة، سيتبين أن ثمن الرهان جسيم للغاية.
بقلم: زلمان شوفال

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.